الرواشدة يكتب: حبيب الزيودي… علامكْ غِبت والدنيا تشارين

الرواشدة يكتب: حبيب الزيودي… علامكْ غِبت والدنيا تشارين
الرواشدة يكتب: حبيب الزيودي… علامكْ غِبت والدنيا تشارين

حبيب الزيودي…" علامكْ غِبت والدنيا تشارين"

رمضان الرواشدة

"علامَك غبتْ والدنيا تشارينْ"

درب الأردن - قالها حبيب الزيودي، في رثاء كبير العسكر، أبي سطّام حابس المجالي. 

ولكن حبيب الزيودي، غاب في تشرين، ولا أقول مات، لأنّ جسده إن غاب، فإنّ الأثر الشعريّ والوطنيّ باق إلى يوم القيامة.

 فقد غاب عنّا شاعر الأردنّ حبيب الزيودي في مثل هذه اليوم، من العام 2012، ومع ذلك ما زال جيل جديد من الشباب والشابّات الأردنيّات يطلُّ علينا، كلّ يوم، في مواقع التواصل الاجتماعيّ، وفي المجلّات والصحف الثقافيّة بمقال أو مقطع من قصيدة لحبيب الزيوديّ.

وكم أسعدُ عندما أرى هؤلاء الأردنيّين والأردنيات يستحضرون شعر حبيب وروحه في كلّ مناسبة أردنيّة، وفي كلّ انعطافة من الانعطافات الّتي يمرّ بها بلدنا.

لقد بثّ حبيب شعره في كلّ مسامّات الوطن؛ كتب لجلالة الملك عبد الله الثاني، أحلى القصائد الّتي غناها كبار المطربين الأردنيّين والعرب، وكتب للأردنّ ولعمان، والشهيد وصفّي التلّ، وكتب لكبير العسكر حابس المجالي ولصايل الشهوان، ولكلّ من أحبّ ويحبّ الأردنّ الّذي نفديه بالنجيع وبالغالي والنفيس.

جاءني حبيب يوم 8-10-2012، أي قبل أسبوعين من وفاته في مكتبي بالتلفزيون الأردنيّ فرحا بإصدار ديوان شعريّ بعنوان "غيم على العالوك"، ولأن بيننا علاقة أخويّة قديمة واهتمامات مشتركة بالكتابة عن الأردنّ وتاريخه وشخصيّاته وهويته الوطنيّة، وقال إن هذه هي النسخة الأولى صدرت من المطبعة، وأريد أن أكتب لك إهداء مختلفاً.

يومها كتب لي على الصفحة الأولى من الديوان:

"كتبنا حتّى يظلّ للأردنّ ذاكرة وورقا ومآذن وشهداء وقصائد وترانيم ورابطة كتّاب وفقراء وشهداء وحمدان هواريّ وسرو وجامعة وبنات طويلات ورماح ومواويل.

لا زلت انا انا، فكن أنت نشيداً في سكون هذه الأرض، هذه النسخة الأولى من هذا الديوان".

...ذات يوم من عام 1989، ونحن نحتسي القهوة في كافتيريا كلّيّة الآداب في الجامعة الأردنيّة كتب حبيب قصيدته التي يقول فيها:

" عندما ودّعتكم يوم الثلاثاء بكيت

وذوى آخر عنقودٍ على دالية الروح

ذوت كلّ الحكايا وذويتْ

عندما تخبو لياليكم سآتيكم

وأمشي بسراح الروح من بيت لبيت

 ما انحنى قلبي

ولكن ذبول الدمع في أجفانكم ذبّل قلبي فانحنيتْ

لا تلوموني إذا عدتُ لكم يوما، بل جفنٍ

لأنّني عندما ودّعتكم يوم الثلاثاء بكيت

وتركت الدمع يهمي فوق جفني ومشيتْ ".

مشيت يا الحبيب ونحن ما زلنا على عهدنا، بأن تبقى خالدا في شعرك وان نظل نكتب للأردن حتى تكون له " ذاكرة"...ما دام ثمة نبض لأردني أو أردنية…وأن يبقى الأردن الغالي مبتدأ القصيدة والرواية وخاتمتها.

وما زلنا نردد مع حبيب الزيودي رحمه الله:

"فإنْ عطِشتِ وكان الماءُ ممتنعاً 

فلتشربي من دموعِ العينِ يا بَلَدي

وإنْ سقطتُ على دربِ الهوى قِطَعَاً

أوصيكَ، أوصيكَ، بالأردن يا ولدي"

واختتم بما قاله حبيب رحمه الله:

" سلاما على وطن الطيبين سلاما

 وسلاما على وطن العاشقين سلاما

ونكتب عن وطنٍ فيه نبدأ أشعارنا، ونتممُ فيه الكلاما"