الضبعة النووية على أعتاب التشغيل.. مصر تدخل عصر الطاقة النووية

درب الأردن - في لحظة فارقة من تاريخ مصر الحديث، شهدت البلاد حدثًا استثنائيًا تمثل في تركيب وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة الأولى من محطة الضبعة النووية، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية الفيديو، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة في مشروع يُعد الأكبر في قطاع الطاقة المصري.

إنجاز تقني مشترك بين مصر وروسيا
وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، وصف الحدث بأنه تجسيد لحلم كبير تحقق بفضل التنسيق الوثيق بين مصر وروسيا، مؤكدًا أن ما جرى اليوم هو ثمرة عمل دؤوب ومكثف بين الجانبين، وخطوة جادة نحو تشغيل أول محطة نووية في تاريخ مصر.

دعم دولي وتقدير عالمي
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، أعرب عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث، مشيرًا إلى أن محطة الضبعة تمثل نقطة تحول ليس لمصر فحسب، بل للعالم بأسره، لما توفره من طاقة نظيفة منخفضة الانبعاثات، ومؤكدًا أن المشروع خضع لتقييم شامل من قبل الوكالة الدولية.

تفاصيل فنية دقيقة
الفرق الهندسية المصرية والروسية أنجزت تجهيزات معقدة داخل مبنى احتواء المفاعل، شملت تركيب:

حلقة الدعم (Support Ring)

جملون الدعم (Supporting Truss)

جملون الدفع (Thrust Truss)

ويُعد وعاء الضغط من أهم مكونات المفاعل، إذ يحتوي على قلبه الذي تحدث فيه التفاعلات الانشطارية، ويتميز بقدرته على تحمل درجات حرارة تفوق 300 درجة مئوية وضغوط عالية، مع ضمان كامل لمنع تسرب المواد المشعة.

نقل آمن ومعايير عالمية
وصل وعاء الضغط إلى ميناء الضبعة التخصصي في 21 أكتوبر 2025، بعد رحلة بحرية معقدة من روسيا استغرقت أسابيع، نُفذت وفق أعلى معايير السلامة العالمية.

محطة الضبعة... عملاق الطاقة المصري
تضم المحطة أربع وحدات نووية بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميجاوات، وتعتمد على مفاعلات الماء المضغوط من الجيل الثالث المطور (VVER-1200)، وهي من أكثر المفاعلات أمانًا وكفاءة في العالم، وتعمل بنجاح في دول مثل روسيا والصين والهند.

اتفاقية استراتيجية طويلة الأمد
بموجب الاتفاق الموقع في ديسمبر 2017، تلتزم روسيا بـ:

بناء المحطة بالكامل

توريد الوقود النووي لمدة 60 عامًا

تدريب الكوادر المصرية ودعم التشغيل والصيانة

إنشاء مرافق لتخزين الوقود المستنفد وتوفير حاويات آمنة

رؤية مصر 2030: نحو الاكتفاء الذاتي ومركز إقليمي للطاقة

يأتي هذا الإنجاز ضمن استراتيجية مصر لتعزيز أمن الطاقة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتحول إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.

تشغيل الوحدة الأولى بحلول 2028
تركيب وعاء الضغط يمثل أول خطوة ملموسة نحو تشغيل الوحدة الأولى في عام 2028، في رسالة واضحة للعالم بأن مصر تمتلك الإرادة والقدرة على تنفيذ مشاريع تقنية متقدمة بمعايير عالمية، وبروح وطنية مستقلة.