الصين وأمريكا.. قراءة في توازن الدين والاستثمار بين القوتين العالميتين

لماذا تستثمر الصين في الدين الأميركي؟

الصين وأمريكا.. قراءة في توازن الدين والاستثمار بين القوتين العالميتين
الصين وأمريكا.. قراءة في توازن الدين والاستثمار بين القوتين العالميتين

ترجمات - درب الأردن - تبرز العلاقة المالية بين الولايات المتحدة والصين كواحدة من أكثر الروابط تعقيدا وتأثيرا في النظام المالي العالمي. 

ورغم التصورات الشائعة، فإن الولايات المتحدة ليست "مقترضًا من الصين" بالمعنى المباشر، بل إن الصين تُعد من أكبر المستثمرين في أدوات الدين الأميركية، ما يجعلها أحد أبرز الدائنين الأجانب لواشنطن، بحسب المراقبين والمختصين.

نسلط الضوء على واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في عالم الاقتصاد.. العلاقة المالية بين الصين، بصفتها مُقرضا رئيسيا للولايات المتحدة، ضمن قراءة استراتيجية لعلاقة الدين والاستثمار بين قوتين اقتصاديتين عالميتين، وقد تناولت منصات دولية هذا الموضوع، من بينها "درب الأردن" ضمن ترجماتها وتحليلاتها العالمية.

أولًا: كيف تقترض الولايات المتحدة؟

الولايات المتحدة تموّل جزءًا كبيرًا من إنفاقها الحكومي عبر إصدار سندات خزانة تُباع في الأسواق العالمية. هذه السندات تُعد من أكثر الأدوات المالية أمانًا وسيولة، ما يجعلها جاذبة للدول والمؤسسات الباحثة عن استقرار طويل الأمد. الصين، كدولة ذات احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية، تستثمر جزءًا كبيرًا من هذه الاحتياطيات في سندات الخزانة الأميركية.

ثانيًا: الصين كمُقرض استراتيجي

بحسب أحدث البيانات، تحتفظ الصين بما يقارب 860 مليار دولار من سندات الخزانة الأميركية، ما يجعلها ثاني أكبر حامل أجنبي لهذه السندات بعد اليابان. هذا الرقم لا يعكس فقط حجم العلاقة المالية، بل يسلّط الضوء على اعتماد الصين على الدولار الأميركي كأداة لتثبيت قيمة عملتها، وتنويع احتياطاتها، وضمان عوائد مستقرة.

ثالثًا: لماذا تستثمر الصين في الدين الأميركي؟
استقرار الدولار: الصين تربط عملتها جزئيًا بالدولار، ما يجعل الاستثمار في سنداته وسيلة لحماية هذا الارتباط.
أمان السندات الأميركية: رغم التوترات السياسية، تبقى سندات الخزانة الأميركية من أكثر الأصول أمانًا في العالم.
تنويع الاحتياطي: الصين تسعى لتوزيع احتياطاتها بين أدوات متعددة، والدين الأميركي يحتل موقعًا مركزيًا في هذا التوزيع.
رابعًا: هل تمثل هذه العلاقة نقطة ضعف؟

من منظور استراتيجي، يرى بعض المحللين أن اعتماد الولايات المتحدة على مستثمرين أجانب مثل الصين لتمويل دينها قد يشكّل نقطة ضغط محتملة. فلو قررت الصين تقليص حيازاتها من السندات الأميركية بشكل مفاجئ، فقد يؤدي ذلك إلى اضطراب في الأسواق، وارتفاع في أسعار الفائدة، وتراجع في قيمة الدولار.

لكن في المقابل، فإن الصين نفسها تعتمد على استقرار هذه الاستثمارات، ما يجعل العلاقة بين الطرفين أشبه بـ"توازن الردع المالي"، حيث لا مصلحة لأي طرف في زعزعة الآخر.

خامسا: انعكاسات جيوسياسية

في ظل تصاعد التوترات التجارية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين، تبقى العلاقة المالية بين البلدين عنصرًا بالغ الحساسية. فكل طرف يدرك أن زعزعة هذه العلاقة قد تؤدي إلى تداعيات عالمية، ما يدفعهما إلى الحفاظ على قدر من الاستقرار المالي رغم الخلافات السياسية.

خلاصة استراتيجية

الولايات المتحدة ليست مقترضًا من الصين بشكل مباشر، لكنها تعتمد على استثمارات الصين في سنداتها لتمويل جزء من دينها العام. في المقابل، تستفيد الصين من هذه العلاقة لتعزيز استقرارها المالي. هذه المعادلة المعقدة تشكّل أحد أعمدة النظام الاقتصادي العالمي، وتستدعي مراقبة دقيقة من قبل المستثمرين وصنّاع القرار، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة.