الرواشدة يكتب: القاهرة ومركزية الدور في حماية غزة والقضية الفلسطينية

كتب: راشد الرواشدة
مشهد غزة الملتهب يُعيد التذكير بدور الدول العربية المحورية، وتبقى مصر من أبرز الدول العربية، حاملة إرثا تاريخيا وسياسيا وإنسانيا لا يقبل التشكيك أو الانتقاص.
ومنذ حرب 1948 حتى الكارثة الإنسانية الجارية اليوم، كانت القاهرة على الدوام حاضرة بثقلها السياسي والدبلوماسي، مُتمسكة بمسؤولياتها الأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، مدافعة عن حقوقه المشروعة في مواجهة الاحتلال والتهجير والتجويع.
لم يكن الدعم المصري للقضية الفلسطينية موسميا أو طارئا، بل التزاما راسخا شكّل أحد أركان السياسة الخارجية للدولة المصرية، تجلّى في كل محطة مفصلية من تاريخ الصراع. فمن احتضان الفصائل الفلسطينية، وقيادة جهود المصالحة، وفتح المعابر، إلى المبادرات المتكررة لوقف إطلاق النار، كانت مصر تبادر وتتحمل وتتحرك.
محاولات التشويش على الدور المصري تتقاطع مع حملات تستهدف المواقف العربية الثابتة، إلا أن الواقع والدلائل تُفنّد كل حملات التشكيك، وأقول هنا أن مصر والأردن معا يمثلان الجدار الصلب في وجه مشاريع التصفية، وتاريخ البلدين في دعم فلسطين يُكسبهما شرعية لا يمكن المساس بها، التنسيق الأردني المصري لا ينفصل عن موقفهما الراسخ برفض تهجير الفلسطينيين أو تقويض حقهم في أرضهم.
الخارجية المصرية أوضحت أن ما تقوم به من جهود إنسانية وسياسية ليس فقط التزاما أخلاقيا، بل يصبّ كذلك في مصلحة الأمن القومي العربي، من خلال تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه ومنع تهجيره، والتصدي للمشاريع الإسرائيلية الرامية إلى تفريغ غزة، وهو الموقف نفسه الذي تؤكد عليه الأردن، وتحمله في كل محفل دولي.
ومع اندلاع الحرب الأخيرة، فتحت مصر معبر رفح رغم التحديات اللوجستية والأمنية، وتمكنت من إدخال آلاف الشاحنات المحمّلة بالإغاثة، في وقت تُحكم فيه إسرائيل حصارها الجوي والبري والبحري على القطاع.
وبالرغم من أن الجانب الفلسطيني من المعبر يخضع لسيطرة الاحتلال، وُضعت كل الإمكانات المصرية في خدمة الجهد الإنساني، تسريعا لإيصال المساعدات إلى منازل المدنيين المنكوبين.
ولكن الدور المصري لم يتوقف عند الحدود، بل امتدّ إلى ميادين السياسة الدولية، حيث استضافت القاهرة قمما إقليمية وعربية ودولية لبحث سبل إنهاء الحرب، وطرحت خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، وأسهمت بشكل فعّال في صدّ محاولات فرض "الوطن البديل" عبر التهجير القسري والتجويع الجماعي.
وتواصل القاهرة دورها كوسيط نزيه في مفاوضات وقف إطلاق النار، وتبذل جهودا مضنية لتقريب وجهات النظر، رغم التعنت الإسرائيلي وتقاعس الاحتلال عن تنفيذ الاتفاقات، وآخرها ما تحقق في 19 كانون الثاني 2025، هذا الدور الوسيط يُمارس بفاعلية وهدوء، ويعكس إدراكا عميقا لتوازنات المنطقة وتعقيداتها.