االبطاينة يكتب: الأردن.. مسيرة إنجازات تجسد روح الاستقلال

الأردن.. مسيرة إنجازات تجسد روح الاستقلال
بقلم: الأستاذ الدكتور حميد البطاينة/ رئيس منتدى الأردن لحوار السياسات
يُعدّ الخامس والعشرون من أيار عام 1946 علامة فارقة في تاريخ الدولة الأردنية، إذ أعلن فيه استقلال البلاد عن الانتداب البريطاني، وتكريس السيادة الوطنية بقيادة المغفور له الملك عبدالله الأول ابن الحسين، مؤسس الدولة الحديثة. ومنذ ذلك الحين، بدأ الأردن مسيرةً متواصلة من البناء الوطني، كان عمادها القيادة الهاشمية الحكيمة، التي جسّدت أسمى معاني النضال والتضحية والحكم الرشيد.
لقد مثّل الاستقلال في جوهره انطلاقة حقيقية نحو بناء دولة القانون والمؤسسات، وليس مجرد حدث تاريخي نحتفي به كل عام. فالاستقلال فعلٌ تراكميّ، وإرادة مستدامة، تتجسد في السيادة السياسية، وتعزيز الهوية الوطنية، وتحرير الإرادة من التبعية. وهو مسيرة متواصلة تتعاقب فيها الأجيال، وتتجدد فيها العزائم.
وقد حمل الملوك الهاشميون، تباعًا، هذه الرسالة الوطنية السامية، كلٌّ بما اقتضته مرحلة حكمه وظروف عصره. فكان الملك طلال بن عبدالله، واضع الدستور الحديث، مؤمنًا بأهمية ترسيخ الحياة البرلمانية والديمقراطية. ثم جاء الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، فقاد البلاد لأكثر من أربعة عقود، اتسمت بالتحديات الإقليمية العاصفة، واستطاع بحكمته وحنكته أن يثبت أركان الدولة، وأن يحفظ الأردن في محيط مضطرب، مؤكدًا على استقلال القرار الوطني، ومكانة الأردن في الإقليم والعالم.
أما في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، فقد تعمّق مفهوم الاستقلال ليشمل أبعادًا اقتصادية، وسياسية، وتنموية، وأمنية. فقد أولى جلالته بناء الإنسان الأردني أولوية قصوى، باعتباره الركيزة الأساسية في صيانة الاستقلال وتعزيز مناعته. كما رسّخ رؤية إصلاحية طموحة، تقوم على سيادة القانون، وتمكين المؤسسات، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
وفي الميدان الخارجي، حافظ الأردن بقيادة جلالته على نهجٍ سياسي متزن، يقوم على احترام السيادة، ونصرة القضايا العادلة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية. كما واجه تحديات الإرهاب والأزمات الإقليمية بثبات وحنكة، معتمدًا على قوة أجهزته الأمنية ومتانة نسيجه الاجتماعي.
إن الاستقلال، في ظل القيادة الهاشمية، لم يكن يومًا محطة وصول، بل كان دومًا نقطة انطلاق متجددة نحو التطوير والتحديث. واليوم، تتعاظم المسؤولية في صونه وتحصينه، من خلال الاستثمار في التعليم، وبناء اقتصادٍ منتج، وتعزيز قيم المواطنة، ليبقى الأردن واحةَ استقرارٍ ومثالًا في الإرادة والسيادة، في ظلّ قيادةٍ هاشميةٍ آمنت بالوطن والإنسان، وسارت به نحو الكرامة والحرية والسيادة.