الفرجات يكتب: من الملك ميشع المؤابي إلى سمو ولي العهد الحسين بن عبدالله: نعم هكذا يكون الرد

من جلالة الملك ميشع المؤابي إلى سمو ولي العهد الحسين بن عبدالله: نعم هكذا يكون الرد
كتب أ.د. محمد الفرجات
عندما نقرأ في صفحات التاريخ، ونستحضر نقش الملك ميشع المؤابي على الحجر البازلتي الأسود في ذيبان، ندرك أن إرادة الشعوب التي تواجه الأطماع الخارجية لا تذوب ولا تضعف، بل تتجدد في كل جيل لتُعبِّر عن ذات الرسالة: الأرض كرامة، والسيادة حق، والدفاع عنها واجب مقدس.
اليوم، يقف سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، متحدثًا بوعي وإصرار عن عودة خدمة العلم، في توقيت بالغ الدقة، تزامنًا مع تصاعد لهجة التطرف الصهيوني وتكرار رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو لخطاب "إسرائيل الكبرى"، وهنا، يأتي صوت ولي العهد بمثابة امتداد حيّ لصوت ميشع قبل أكثر من ألفي عام، حين قال لشعبه: لا مكان للغزاة على ترابنا، فهكذا يكون الرد.
لماذا خدمة العلم اليوم؟
إن قرار إعادة خدمة العلم ليس مجرد برنامج تدريبي عسكري؛ بل هو مشروع وطني – تنموي – قيمي – أمني، له أبعاد عميقة:
1. الرد على الأطماع الصهيونية:
في الوقت الذي يحاول فيه نتنياهو وأمثاله إعادة صياغة وهم "إسرائيل الكبرى"، يبرز الأردن من خلال قرار خدمة العلم بخطاب عملي: نحن هنا، شبابنا جاهزون، ووطننا عصيّ على الاختراق. هذا الرد ليس بالكلمات، بل بالتحصين الميداني للشباب عقيدةً وانتماءً وقدرةً.
2. صقل شخصية الشباب الأردني:
خدمة العلم تعيد للأجيال الجديدة قيم الانضباط، والجدية، والعمل الجماعي، وتربطهم بالمسؤولية الوطنية. فهي تصنع شبابًا قادرًا على الجمع بين مهارات العصر والوعي التاريخي، بين قوة الذراع ونضج العقل، وهو ما يحتاجه الأردن ليكون حاضرًا في معادلات الإقليم.
3. تعزيز الأمن الوطني والقومي:
إن بناء جيلٍ واعٍ منضبطٍ ومدرَّب هو الحصن الحقيقي في وجه كل تهديدات الخارج. فالقوة البشرية المعبأة بالإيمان والوعي الوطني هي خط الدفاع الأول والأخير، وعماد الاستقرار الأردني الذي كان وسيبقى صمام أمان للمنطقة بأسرها.
4. دفع عجلة التنمية:
ليست خدمة العلم انقطاعًا عن التنمية، بل هي رافعة لها. فهي تتيح للشباب فرصة تعلم مهارات مهنية وتقنية إلى جانب التدريب العسكري، ما يجعلهم أكثر قدرة على دخول سوق العمل والإسهام في الاقتصاد الوطني. التنمية لا تنفصل عن الأمن، والأمن لا يترسخ إلا بشباب مؤمن ومنتج.
الرسالة التي وصلت للعالم:
لقد كان حديث سمو ولي العهد اليوم بمثابة رسالة مزدوجة:
إلى الداخل: ثقة بالدولة الأردنية ومؤسساتها، وإيمان بأن الشباب هم رأس المال الحقيقي.
إلى الخارج: الأردن ليس هشًا، بل هو متماسك، وشعبه وجيشه وقيادته على قلب رجل واحد، وكل من يتوهم أن هذا الوطن ضعيف سيصطدم بصلابة جيل جديد مستعد للتضحية.
من نقش ميشع إلى خطاب الحسين
الزمن تغيّر، لكن المعادلة لم تتغير. ما كان يقوله ميشع المؤابي في مواجهة الغزاة، يقوله اليوم الحسين بن عبدالله في مواجهة مشاريع التوسع الصهيوني: الأرض عصية، والشباب ليسوا غافلين، والسيادة ليست موضع مساومة.
إن عودة خدمة العلم اليوم هي رد حضاري وعملي وسياسي، لا يُترجم بالبنادق فقط، بل بإعداد شباب قادر على حماية الأرض، وصون الهوية، وبناء المستقبل.
وهكذا يكون الرد…