الفرجات يكتب.. نظّموا نقلنا: نداء عاجل لوزيرة النقل ورئيس هيئة التنظيم

الفرجات يكتب.. نظّموا نقلنا: نداء عاجل لوزيرة النقل ورئيس هيئة التنظيم
الفرجات يكتب: نظّموا نقلنا: نداء عاجل لوزيرة النقل ورئيس هيئة التنظيم

كتب أ.د. محمد الفرجات -  نظّموا نقلنا: نداء عاجل لوزيرة النقل ورئيس هيئة التنظيم

إلى معالي وزيرة النقل، وعطوفة رئيس هيئة تنظيم قطاع النقل العام المحترمين،

ضمن مسلسل رعب يومي، بالأمس فقط، عاش طلابنا لحظات من الرعب، داخل حافلة انطلقت في سباق جنوني على الطرقات، وكأن الأرواح لا تساوي شيئًا، متجاوزة قانون المرور.  

غالبا يحدث يوميا تجاوزات وتحديات وعشوائية، ويبدو بأن هنالك قوى نفوذ وشد عكسي للأسف تقاوم كل طرح من شأنه تنظيم قطاع النقل الجماعي في وطننا العزيز. 

أليس من حق الأردني أن يسأل: أين التنظيم؟ أين السلامة؟ أين أنتم؟

في دولة تسعى نحو التحديث والتطوير، لا يمكن أن يقبل العقل أو المنطق استمرار قطاع النقل الجماعي بهذه العشوائية. قطاع يعاني من ترهل بكل التفاصيل ولا يليق بطموحات وطن يسير نحو التقدم.

فما نراه ونعيشه يوميًا هو أكثر من أزمة نقل... إنها مسألة أرواح بخطر، ومسألة مواطن حقه أن ينعم بنقل عصري. 

السياح وضيوف المملكة يستعملون النقل الجماعي، ويخرجون بخبرات لا تليق بنا حقيقة. وهذا أيضا يعد من الأمور الطاردة للإستثمار. 

بجانب أحياء تعاني الأنقاض، وتلوث بصري هنا وهناك، وغياب ممرات المشي الآمنة، وغياب الملاعب والحدائق الداخلية والساحات العامة ومواقف السيارات، فالتنقل من مكان لآخر نقمة وليس نعمة، وكل ذلك يحبط المواطن. ويشكل شعور جمعي بأن لا أحد يهتم، نعم لا أحد يهتم. 


تشخيص الواقع: فوضى، عشوائية، ومخاطر متكررة

حافلات بعضها متهالك، يقودها سائقون بعضهم (وليس الجميع) دون تدريب أو التزام.

سباقات يومية على الطرقات، واستهتار بأرواح المواطنين.

حمولة زائدة، صراخ و"كنترول" يصرخون، وبعصهم (وليس الجميع) يهينون الركاب.

توقفات عشوائية وخطيرة وفجائية على الطرق، وتكدس خانق في المجمعات.

غياب تام لمحطات التوقف والتحميل المنظمة، ولا مواعيد واضحة للانطلاق أو الوصول نهائيا. 

أجهزة تتبع غير موجودة، وكاميرات مراقبة مفقودة، وغياب تام لأي نظام ذكي.

كل صباح تنزل مئات آلاف السيارات الخاصة في غياب بديل جماعي مرموق وعصري، فتزيد من التلوث، وتقتل الوقت، وتنهك الأسر اقتصاديًا ونفسيًا.

الفرصة متاحة... والحلول بمتناول اليد

لقد قدمتُ عبر مقالاتي السابقة، وعلى مدى سنوات، مجموعة من الحلول المبنية على تجارب عالمية واقعية قابلة للتطبيق محليًا:

1. دمج الخطوط والمشغلين:

تحويل المشغّلين الصغار إلى شركات موحدة مسؤولة، مع ضمان حقوق السائقين والمالكين، عبر نموذج تشاركي منظم.

2. باصات ذكية بنظام تتبع ودفع إلكتروني:

نظام باصات يلتزم بجداول زمنية دقيقة، مزوّد بكاميرات وأجهزة GPS، والدفع فيه إلكتروني فقط، تمامًا كما بدأته أمانة عمان.

3. محطات توقف وتحميل وتنزيل حضارية:

محطات مزوّدة بلوحات إلكترونية تعرض وقت وصول الحافلة، وتخدم المواطنين والسياح بكرامة واحترام.

4. تدريب السائقين وفرض زي رسمي وإجراءات سلامة:

لإعادة الثقة بالنقل الجماعي، نحتاج إلى سائقين مؤهلين يلتزمون بالانظمة ومعايير السلامة والزي والقيادة الآمنة.

5. غرف عمليات ذكية:

تتابع حركة الباصات، وتعيد توجيهها حسب الذروة، وتحل الأزمات آنياً.

6. خطة وطنية تمتد من عمان إلى المحافظات:

نقل حضاري ذكي يشمل إربد، الزرقاء، العقبة، الكرك، والبادية، وكل المحافظات، ويصبح قطاعًا محفزًا للتنمية وجاذبًا للاستثمار والسياحة.

من المسؤول؟ وهل سنستمر في دفن رؤوسنا؟

المسؤولية لا تقع فقط على سائق مستهتر، بل على منظومة فقدت بوصلة التطوير، وتقاوم التغيير. وزارة النقل، هيئة تنظيم النقل، البلديات، مديريات السير، كلها مسؤولة عن هذا التحدي الخطير المتراكم.

كم من روح يجب أن تُزهق؟
كم من عائلة يجب أن تُفجع؟
كم من وقت واقتصاد وبيئة يجب أن يُهدر، قبل أن نقول: كفى؟

رسالة أخيرة:

معالي الوزيرة، عطوفة الرئيس،
بين أيديكم فرصة تاريخية لإصلاح هذا القطاع، وتحويله من عبء إلى رافعة تنمية.

كل ما تحتاجونه هو قرار شجاع، لا يخضع للضغوط، ولا يُجامل قوى النفوذ.

فلنبدأ بثورة بيضاء في قطاع النقل، تليق بالأردنيين... وبالأردن.

ولكم القرار... وللمواطنين الحق بالحياة.