الأردن: حصاد الأمطار يروي العطش في محافظات الجنوب (صور)
مشروع (بناء القدرة على التكيف مع التغير المناخي) يغيّر حياة الأسر في المرتفعات الجنوبية
الطفيلة - درب الأردن -
و بإبتسامة مليئة بالأمل يقول “المياه لا تصلنا إلا كل 17 يوماً، وإن وصلت تكون ضعيفة لأننا نسكن في منطقة مرتفعة. اليوم نحن جاهزون لاستقبال الموسم المطري ومتفائلون أن يكون جيداً حتى نملأ البئر الجديد ونستخدمه في أعمال المنزل، وري الأشجار.”
إبراهيم واحد من عشرات المستفيدين من مشروع "بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ في الأردن من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في قطاع الزراعة (BRCCJ)"، الذي تنفذه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالتعاون مع وزارات المياه والري والزراعة، والبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والممول من صندوق المناخ الأخضر (GCF).
من المعاناة إلى الأمل
على مدى سنوات، واجهت الأسر في مرتفعات الطفيلة تحديات كبيرة في الحصول على المياه. إنقطاع طويل، ضعف في الضخ، وإعتماد مكلف على صهاريج المياه الخاصة.
لكن مع إطلاق "الحصاد المائي" ضمن مشروع بناء القدرة على التكيف، يتغيّر الواقع تدريجياً.
يقول محمد الزيادين من بصيرا "المياه التي تصل من البلدية لا تكفينا بسبب موقعنا المرتفع. وبفضل المشروع، أصبح لدينا بئر بسعة 22 متراً مكعباً لتجميع مياه الأمطار من سطح المنزل عبر مزراب وأنابيب بسيطة، الآن ننتظر الشتاء بثقة، لأننا سنستفيد من كل قطرة مطر".
الأثر المجتمعي: من تجربة فردية إلى وعي جماعي
في غرندل، يتحدث إبراهيم محمد عن تحوّل كبير في حياة أسرته:"نحصل على المياه مرة كل 20 يوماً فقط ولمدة 24 ساعة. البئر الذي حصلنا عليه من المشروع أصبح مصدراً مهماً للمياه في الصيف، لري الحديقة المزروعة بالأشجار المثمرة. بعد أن شاهد الجيران النتائج، بدأ الجميع يرغب في التقدم للحصول على بئر مماثل."
تؤكد هذه الشهادات ما رصده مهندسو وزارة المياه والري، حيث شهدت المناطق المستهدفة زيادة في الوعي المجتمعي بأهمية حصاد مياه الأمطار كحلّ عملي ومستدام للتعامل مع ندرة المياه الناتجة عن التغير المناخي.
بنية تحتية صغيرة... وأثر كبير
منذ انطلاق المشروع، تم تنفيذ 114 بئراً منزلية في محافظة الطفيلة ضمن خطة أوسع تشمل تجهيز 400 مبنى عام و7850 أسرة بأنظمة حصاد مياه الأمطارفي محافظات البحر الميت وهي بالإضافة للطفيلة: الكرك و معان و مأدبا.
ويشير المهندس قيس الخزاعلة من وزارة المياه والري إلى أن فرق الوزارة تنفذ زيارات ميدانية أسبوعية لمتابعة عمل المقاولين وضمان مطابقة المواصفات الفنية، مضيفاً أن جميع الآبار خضعت لتجارب تخزين وفحوصات تسرب لضمان سلامتها واستدامتها.
شراكة من أجل المناخ
يأتي هذا المشروع في إطار رؤية الأردن للتنمية المستدامة ومواجهة آثار التغير المناخي، إذ تُعد المحافظات الأربع الواقعة ضمن حوض البحر الميت من أكثر المناطق تعرضاً للإجهاد المائي.
وتبلغ القيمة الإجمالية للمشروع 33.25 مليون دولار أمريكي، ويهدف إلى تعزيز صمود المجتمعات الزراعية وتحسين كفاءة إدارة المياه في مواجهة تحديات المناخ.
أثر ملموس نحو أهداف التنمية المستدامة
من خلال بناء آبار حصاد مياه الأمطار، يساهم المشروع في تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة:الهدف 6: ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة. والهدف 13: اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره. والهدف 15: حماية النظم الإيكولوجية البرية واستخدامها على نحو مستدام.
المطر... مورد متجدد وأمل دائم
يقول أبو طلال، أحد المستفيدين في قصبة الطفيلة:"كنا نشتري صهاريج المياه أسبوعياً لتلبية احتياجاتنا المنزلية وري الاشجار التي تحيط بالمنزل. الآن أصبح لدينا خزان خضع لكل الفحوصات اللازمة، ونحن ننتظر المطر بفارغ الصبر.”
في تلك القرى، لم تعد الأمطار حدثاً عابراً، بل أصبحت فرصة للحياة.
ومن خلال التعاون بين المجتمعات المحلية والمؤسسات الوطنية والدولية، يتحول حصاد المطر إلى قصة نجاح أردنية تلهم المجتمعات الأخرى في مواجهة التغير المناخي بوعي واستدامة وأمل.




