عبيدات يكتب: تحليل لأحداث الرمثا ودور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في صون أمن الأردن

عبيدات يكتب: تحليل لأحداث الرمثا ودور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في صون أمن الأردن
عبيدات يكتب: تحليل لأحداث الرمثا ودور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في صون أمن الأردن

معالي الدكتور محمد طالب عبيدات
وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق 
الاستاذ الدكتور في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

درب الأردن - كانت أحداث مدينة الرمثا اليوم استثنائية وأعادت التأكيد على حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة الأردنية الهاشمية، في ظل الظروف الإقليمية المضطربة ومحاولات قوى التطرف والفكر التكفيري اختراق الصف الوطني أو العبث بالسلم المجتمعي، وخصوصاً بعد صمود الأردن في ظل الرياح العاتية والتحديات الجسام خلال أزمات الشرق الأوسط كافة. ورغم حساسية الموقف، فإن تعامل الدولة الأردنية — جيشًا وأجهزة أمنية — جاء هادئًا وحكيمًا وسياديًا، ويعكس عقيدة راسخة في حماية الإنسان قبل المكان، وصون الاستقرار كقيمة عليا لا مساومة فيها.

فالقراءة العامة للمشهد تؤكد أن الأحداث التي شهدتها الرمثا تأتي ضمن محاولات معزولة لبعض أصحاب الفكر المتطرف لاستغلال أي ظرف لخلق بؤر توتر أو نشر خطاب التكفير والتحريض، إلا أن ردّ المجتمع المحلي كان واضحًا؛ إذ رفض الأردنيون كافة بنسيجهم الاجتماعي الرصين والمتين هذه السلوكيات الغريبة عن قيم الرمثا وعموم الأردنيين.

وكان الأداء الامني والعسكري احترافياً؛ وتميّزت الأجهزة الأمنية بأعلى مستويات الانضباط، من خلال الاستجابة السريعة واحتواء الموقف دون تصعيد؛ وحماية المدنيين وضمان عدم انتقال الفوضى إلى مناطق أخرى؛ واعتماد مبدأ الأمن الوقائي عبر متابعة التحركات المشبوهة والتعامل معها بذكاء ودقة؛ والتواصل المباشر مع وجهاء وأهالي المنطقة لضمان تكاتف الجهود والحفاظ على وحدة الصف، هذا النهج الذي يجمع بين الحزم والاحتواء هو ما ميّز المؤسسة الأمنية الأردنية وجعلها نموذجًا إقليميًا في معالجة التحديات الداخلية بأقل الخسائر وبأعلى درجات المهنية.

وكان الجيش العربي المصطفوي وبتوجيهات قائدة الأعلى جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني إبن الحسين وولي عهده الامين؛ كان صمام الأمان إبان العملية الأمنية؛ إذ لا يمكن الحديث عن أمن الأردن دون الإشادة بدور الجيش العربي – جيش المملكة الأردنية الهاشمية الذي يواصل الليل بالنهار لحماية الحدود الشمالية من سلسلة تهديدات تمتد من محاولات التسلل والتهريب، ونشاطات الجماعات التكفيرية الخارجة من بؤر الصراعات، وشبكات الجريمة العابرة للحدود، ويختار الجيش دائمًا الحزم المحسوب الذي يحمي الوطن ويحافظ على الاستقرار دون الانجرار لأي استفزاز من أي جهة.
والأردن تاريخيًا كان وما يزال في مقدمة الدول التي تواجه الفكر التكفيري فكريًا وأمنيًا وتشريعيًا وتحض ادعاءاته، وقد أثبتت الأجهزة الأمنية اليوم من جديد أن الفكر المتطرف لا مكان له في الأردن، وأن محاولات إثارة الفوضى ستلقى رفضًا شعبيًا قبل أن تواجه الرد الأمني، وأن الدولة قادرة على التعامل مع أي تهديد قبل أن يتوسع أو يتحول إلى خطر.

والرسالة الأهم من أحداث الرمثا اليوم هي وحدة الدولة والمجتمع الأردني؛ فالأردنيين يقفون صفًا واحدًا وبوحدة وطنية مثلى خلف قيادتهم الهاشمية المظفرة وجيشهم وأجهزتهم الأمنية، والوعي الشعبي أصبح سدًا منيعًا أمام أي محاولة لتشويه صورة الاستقرار أو خلق حالة فوضى، والأمن في الأردن ليس مسؤولية الأجهزة الأمنية فقط، بل هو ثقافة وطنية مشتركة.

ولقد كان أداء الدولة الأردنية اليوم في هذه الأحداث مثالًا على الحكمة والقوة معًا، فالأمن ثابت، والجيش حاضر، والأجهزة الأمنية يقظة، والمجتمع واعٍ، والفكر التكفيري مرفوض ومدحور، ولهذا الوطن قيادة هاشمية حكيمة  ووازنة تقود المسيرة بإتزان وهيبة وحكمة ليبقى الأردن آمناً مستقراً منيعاً على كل طامع ومندس. 
وستبقى مدينة الرمثا وأهلها الأشاوس، كما الأردن كله والأردنيون كافة، عصية على خوارج العصر وكل من يسعى لتهديد أمن الوطن أو العبث بوحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي وسلمه المجتمعي.
عاش الأردن وعاش جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الامين حفظهما الله تعالى.