الفرجات يكتب: بعد سقوط المروحة على طالب التوجيهي بالامتحان.. بناء المدارس باب خير للمحسنين 

الفرجات يكتب: بعد سقوط المروحة على طالب التوجيهي بالامتحان.. بناء المدارس باب خير للمحسنين 
الفرجات يكتب.. بعد سقوط المروحة على طالب التوجيهي بالامتحان: بناء المدارس باب خير للمحسنين 

الفرجات يكتب: بعد سقوط المروحة على طالب التوجيهي بالامتحان: بناء المدارس باب خير للمحسنين 

كتب أ.د. محمد الفرجات

شهدت إحدى المدارس الأردنية مؤخرًا حادثة سقوط مروحة سقفية على طالب في مرحلة التوجيهي، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة واقع المدارس الحكومية وحاجتها الماسة للصيانة والتأهيل، خاصة في ظل الاكتظاظ المستمر ونظام الفترتين في العديد من المدارس.

واقع المدارس: أرقام ومؤشرات

وفقًا لبيانات وزارة التربية والتعليم:

تضم المملكة أكثر من 4080 مدرسة حكومية، يُقدّر أن ما لا يقل عن 50% منها تحتاج إلى صيانة متوسطة إلى شاملة.

ما يزيد عن 700 مدرسة تعمل بنظام الفترتين نتيجة نقص الأبنية المدرسية أو ازدياد أعداد الطلبة.

في بعض المناطق، تصل كثافة الطلبة في الصف الواحد إلى 45 طالبًا، مما يؤثر على جودة التعليم وسلامة البيئة الصفية.

في عام 2025، تم تخصيص 30.5 مليون دينار لصيانة وتأهيل حوالي 1000 مدرسة، وهو رقم لا يغطي كامل الاحتياج الفعلي.

هذه المؤشرات تسلط الضوء على أهمية معالجة البنية التحتية للمدارس، ليس فقط لحماية الطلبة من الحوادث، بل أيضًا لضمان بيئة تعليمية آمنة ومحفزة.

تحديات إضافية

نقص عدد المدارس في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.

قِدَم بعض الأبنية المدرسية، إذ تعود إلى أكثر من 40 عامًا دون صيانة جوهرية.

ضعف التهوية والتبريد في بعض الصفوف، مما يؤثر على تركيز الطلبة.

ضغط نظام الفترتين على الطلبة والمعلمين، سواء من حيث الوقت أو الطاقة.

مقترح عملي: شراكة مجتمعية منظمة

لتحقيق استجابة فعّالة ومستدامة، نقترح ما يلي:

1. إطلاق مبادرة وطنية لدعم المدارس، تشارك فيها وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف والمؤسسات المجتمعية.

2. تخصيص مسار واضح لتوجيه التبرعات المجتمعية نحو بناء المدارس وصيانتها، من خلال حسابات رسمية وموثوقة.

3. إشراك المتبرعين ورجال الأعمال في تصميم وبناء المدارس، مع توفير حوافز رمزية (مثل تسمية الصفوف أو المدارس بأسمائهم).

4. تعزيز الوعي المجتمعي بأن التعليم أولوية وطنية تتطلب تكاتف الجميع، من خلال حملات إعلامية هادفة.

5. استخدام أراضٍ غير مستغلة (وقفية أو حكومية) لتوسعة المدارس أو بناء مدارس جديدة.

بناء المدارس: باب جديد للصدقة الجارية

يرغب الكثير من المحسنين في ترك أثر طيب عبر بناء المساجد، وهو أمر محمود في الإسلام، لكن من المفيد أن يُطرح أيضًا خيار بناء المدارس أو المساهمة في صيانتها وتجهيزها، باعتبارها من أوجه البر التي لا تقل أجرًا.

فقد حثّ الإسلام على طلب العلم، ورفع من شأنه، فقال رسول الله ﷺ:
"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة."
وفي موضع آخر: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع."

كما أن تعليم النشىء وتوفير بيئة علمية سليمة يندرج ضمن الصدقة الجارية، لما له من أثر ممتد في الأجيال والمجتمع.

إن تخصيص بعض التبرعات الموجهة للمساجد لبناء صفوف مدرسية أو تجهيز مختبرات أو حتى وحدات صحية مدرسية، يمكن أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة آلاف الطلبة والمعلمين، مع الاحتفاظ بالأجر والثواب في ميزان حسنات المتبرع.

إن تحسين واقع المدارس في الأردن ليس مسؤولية الحكومة وحدها، بل يتطلب تكامل الجهود الرسمية والمجتمعية. حادثة سقوط المروحة ليست سوى عرض لمشكلة أعمق تتعلق بالبنية التحتية والتخطيط طويل الأمد.

توفير بيئة تعليمية آمنة ومتقدمة لأبنائنا هو استثمار في مستقبل الأردن، وفتح باب المشاركة المجتمعية أمام المحسنين والمتبرعين لبناء المدارس وصيانتها، يُعد خطوة ذكية وعادلة نحو تعزيز التنمية المستدامة، وإعلاء قيمة العلم، التي كرّمتها الشريعة واحتفت بها الحضارات.